محفوظات الذئب والكلب السنة السادسة
ذِئْبٌ لِفَرْطِ سَهَرِ الكِلَابِ جِلْدًا وَعَظْمًا صَارَ فِي الذّئَابِ
وَإنّهُ اِلْتَقَى بِكَلْبٍ جَمَعَ فِي جِسْمِهِ حُسْنًا وَقُوّةً مَعَا
جَمِيلِ الشّكْلِ صَقِيلِ الشّعْرِ بَدِينِ الجِسْمِ مَهِيبِ المَنْظَرِ
فَاسْتَصْوَبَ السَّلَامَ رَأيًا وَاقْتَرَبْ مِنْهُ وَحَيَّا بِاحْتِرَامٍ وَ أدَبْ
وَجَالَ فِي مَدِيحِهِ فَأطْنَبَ فِي سِمْنِهِ وَحُسْنِهِ تَعَجّبَا
أجَابَهُ : “إنْ شِئْتَ أنْ تَكُونَ مِثْلِي فَهَاجِرْ غَابَكَ المَلْعُونَ .
هَلُمَّ فَاتْبَعْنِي تُصِبْ مَا تَشْتَهِي فَعِنْدَنَا عَهْدُ الهُزَالِ يَنْتَهِي .”
فَآنَسَ الذِّئْبُ زَوالُ التّرَحِ وَكَادَ يَبْكِي مِنْ عَظِيمِ الفَرَحِ
وَرَافَقَ الكَلْبَ . فَلمّا نَظَرَ عُنُقَهُ المِعْطَاءَ قَالَ : ” مَا أرَى ؟”
أجَابَهُ :” لَعَلَّ إثرًا تَشْهَدُ يَكُونُ مِنْ طَوْقٍ بِهِ أقيّدُ .”
فَقَالَ : ” مَا أسْمَعُ ؟ هلْ تُقَيّدُ ؟ ألا تُغِيرُ تَارَةً وَتُنْجِدُ ؟
ألَسْتَ تَجْرِي رَاكِضًا أيْنَ تَشَا فِي الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ وَفِي وَقْتِ العِشَا ؟”
أجَابَ : كَلاّ غَالِبًا لَا أقْدِرُ وَمَا يَهُمُّنِي ؟ وَمَاذَا أخْسَرُ ؟”
فَقَالَ لَهُ الذّئْبُ : ” يَهُمُّنِي أنَا فَالأسْرُ لَا أرَاهُ أمْرًا هيّنا .
فَلَا أرِيدُ ، لَا ، وَلَنْ أرِيدَ عَيْشًا كَمَا زَعَمْتَهُ رَغِيدَا .”
وَفرَّ عَدْوًا جِهَةَ البَرَارِي وَلَمْ يَزَلْ لِلْيَوْمِ عَلَى الفِرَارِ
نقولا أبو هنا