إنتاج كتابي جني الزيتون
دعاني جدّي يوم الأحد الفارط ، لمرافقته إلى بلدتنا ، وقد كنت غادرتها في نهاية العطلة الصيفيّة ، ولم أعد إليها إلا في هذه المرّة .
لقد تبدّلت القرية : فنشط سكّانها نشاطا حثيثا . وتغيّرت رحبتها ومتاجرها ، وفتحت معاصرها التي كانت مغلقة طيلة أشهر عديدة ، وحلّت مكان الهدوء المعهود حركة وذهاب و إيّاب وبيع وشراء . فكأنّ العيد على الأبواب . أيّ عيد يا ترى ؟
إنّه موسم الزّيتون قد حلّ منذ أيّام ، فبدّل وجه القرية ، وبعث الجدّ والنّشاط في جميع السكّان . فهم يغدون إلى غاباتهم عند الفجر ، ومعهم السّلاليم والفرس ، ثمّ يروحون إلى بيوتهم بعد المساء ، حاملين ما جنوا من حبّ أسود لامع ، يبيعونه أو يصبّرونه أويأخذونه إلى المعصرة ليستخرجوا منه زيتا لذيذا طيّبا .
الرّحبة صارت سوق زيتون ، والأنهج صارت أسواق زيتون ، والحوانيت تزيّنت كلّها ببضائع مختلفة ، فازدحم عليها الحرفاء ونشطت التّجارة ، ولم يعد هناك فرق بين الغنيّ والفقير ، وبين الملّاك والأجير ، لأنّ جميع سكّان البلدة التفّوا حول الشّجرة المباركة ، يجنون حبوبها . ولكلّ عامل من الغلّة نصيب .