محفوظات الغراب والثعلب السنة السادسة
سُمُوُّ الغُرَابِ أوَى مَرَّةً إلَى دَوْحَةٍ فَوْقَهَا قَدْ جَثَمْ
وَكَانَتْ بِمِنْقَارِهِ جُبْنَةٌ يَهُشُّ إلَى أكْلِهَا ذُو النَّهَمْ
فَوَافَاهُ مُسْتَرْوِحًا ثَعْلَبٌ يَهِيجُ حَشَاهُ بِمِثْلِ الضَّرَمْ
فَحَيَّا الغُرَابَ وَقَالَ لهُ: ” سَلَامٌ أيَا صَاحِبِي المُحْتَرَمْ
لَعَمْرِيَ إنّكَ بَاهِرُ شَكْلٍ بَدِيعُ المَلَامِحِ مِنْ غَيْرِ ذَمْ
وَرِيشُكَ زَاهِي الجَمَالِ فَأنْتَ جَمِيلٌ مِنَ الرّأسِ حتّى القَدَمْ
فَلَوْ أنَّ صَوْتَكَ نَاسَبَ رِيشَكَ حُسْنًا لَكَانَ لَكَ الحُسْنُ تَمْ “
فَأفْرَجَ مِنْقَارَهُ فَإذَا بِجُبْنَتِهِ فِي فَمٍ ، أيَّ فَمْ
تَلقّفَهَا ذُو الدّهَاءِ سَرِيعًا فَكَانَتْ لَهُ مِنْ ألذّ اللّقَمْ
فَكَادَ الغُرَابُ يَذُوبُ حَيَاءً وَ أنْشَأ يَقْرَعُ سِنَّ النّدَمْ
وَ أقْسَمَ أنْ لَنْ يُمَلّقَ بَعْدُ وَلَكِنْ تَأخّرَ ذَاكَ القَسَمْ