سورة الأعلى مع التفسير
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (13) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)
صدق الله العظيم
هي سورة مكية عدد آياتها 19
﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾سبحه ذاكرًا اسمه تعالى بالقلب واللسان، على وجه التعظيم.﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴾الذي خلق الكائنات وأحسن خلقها وأتقنه﴿ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ﴾والمرعى: هو الكلأ الأخضر، وكل ما تخرجه الأرض من النبات والثمار والزروع المختلفة.﴿ فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾أي: جافا كالغثاء والقمام الذي يحمله السيل ويكون فوقه.﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ﴾سنحفظ ما أوحينا إليك من الكتاب، ونوعيه قلبك، فلا تنسى منه شيئًا ﴿ إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ﴾إلا ما شاء الله مما اقتضت حكمته أن ينسيكه لمصلحة بالغة﴿ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ﴾أي إن الله تعالى يعلم ما يجهر به الإنسان ويتكلم به مسموعًا﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ﴾نسهل عليك أفعال الخير وأقواله﴿ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ﴾عظ الناس يا محمد صلى الله عليك وسلم بما أوحينا إليك، وأرشدهم إلى سبل الخير﴿ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ﴾سيتعظ بما تبلغه يا محمد صلى الله عليه وسلم مَن كان يخشى الله ويعلم أنه ملاقيه، ويخاف عقابه؛ لأنه هو الذي يتأمل في كل ما تذكره له، فيتبين له وجه الصواب، ويظهر له سبيل الحق.﴿ الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ﴾يدخل النار العظيمة الفظيعة، فيعذب عذابًا أليمًاثم بين الله تعالى عاقبة هذا الأشقى، ومآل أمره فقال:﴿ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا ﴾إن هذا الشقي لا يموت فيستريح مما هو فيه من العذاب، ولا يحيا حياة سعيدة فينتفع بها﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾قد فاز المتزكي بالمطلوب ونجا من المكروه ومن المرهوب.﴿ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾واتصف بذكر الله، وانصبغ به قلبه ولسانه﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾تقدمونها وتختارون نعيمها الزائل على أمر الآخرة الباقية، وتستبدلونها بالذي فيه نفعكم وصلاحكم في معاشكم ومعادكم.﴿ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى والآخرة خير من الدنيا ﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ﴾ثابت في الشرائع لا يختلف باختلافها، في جميع الصحف السالفة على هذه الأمة.﴿ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾كل ذلك ثابت في ﴿ صُحُفِ ﴿ إِبْرَاهِيمَ ﴾ عليه السلام ﴿ وَ ﴾صحف ﴿ مُوسَى ﴾ عليه السلام وهما أشرف الأنبياء والمرسلين