إنتاج كتابي في سوق الغلال
دخلت سوق الغلال ، صباح الأحد ، مع أبي لنشتري ما تحتاج إليه أمّي في طبخها. وكانت بيدي سلّة صغيرة ، وبيد أبي قفّة كبيرة .
شققنا الزّحام ، ودخلنا وسط ناس كثيرين ، جاؤوا مثلنا لشراء ما يلزمهم من ثمار وخضر وبقول ، كثرت في هذا الفصل وانتشرت في معارض السّوق ، فجعل الباعة يتفنّنون في ترصيفها ، وتزيين عرضها ، وهم يتغنّون بها ويمدحون جمالها .
أعذاق التّمر تتدلّى ، كأنّها لم تقطع من نخلتها ، والبائع يسبّح بحمد خالقها ، ويشكر بلاد الجريد على غلّتها ، وشكائك الرمّان معلّقة هنا وهناك ، في جميع المعارض ، تسرّ النّاظرين ، والبائع ينشد مباركا هذه الثّمرة ومادحا للفلّاح الذي أنتجها .
وقفنا أمام أحد الخضّارين ، فوزن لنا رأسا من الكرنب ، وباع لنا من اللّفت والجزر والسّلق قتّة قتّة ، ومن البصل والثّوم ضفيرة ضفيرة ، ومن الجلبّان واللّوبيا رطلين رطلين .
امتلأت قفّة أبي وبقيت سلّتي فارغة ، فدخلنا سوق السّمك ، قريبا من معارض الخضر . لا زحمة هنا ، ولا ضجّة ، ولا غناء ، ولا معراض جميلة !
– ماذا ؟ هل نفذ كلّ السّمك من السّوق ، يا أبي ؟
– أنسيت أنّ الطّقس كان رديئا بالأمس ، ومازال اليوم غائما ؟ لذلك لم يخرج الصّيّادون إلى البحر ، ولم يُجْلَبْ سمك إلى السّوق .
ولذلك كانت هذه السّوق هادئة ، لا ترى فيها من الباعة إلّا قليلا ، أمامهم بعض المحّار والأخطبوط وسرطان البحر . فخرجنا . ولقينا بائع الحلازين ، فاشترينا من بضاعته ثلاثة ّأرطال . وقد أقسم لنا أن حلازينه سمينة لذيذة .
وعندما غادرنا السّوق وجدنا المطر يهطل ، والماء يجري بجانب الرّصيف ، فتوقّفنا تحت رواق ، حتّى مرّت بنا سيّارة أجرة ، فأوقفناها وركبناها وعدنا إلى المنزل .